أيام قليلة تفصلنا عن نهاية عام 2021 ، العام الذي يمكن وصفه بسنة الزخم والتنوع الموسيقي، صحيح أن الأحداث المتعلقة بالموسيقى خطفت الأنظار إعلاميا أكثر من الأعمال المقدمة، مابين تصريحات ساخنة وأزمات ومعارك، إلا أن هذا لا ينفي على الإطلاق أن هذا العام شهد إنتاجات موسيقية متميزة في مصر والوطن العربي .

حالة التنوع تلك لم تخل من تجارب موسيقية عديدة مكررة ومستهلكة ، ولكن وسط الإنتاج الغزير كان هناك مشاريع موسيقية مختلفة ، سعى صناعها للبحث عن هوية جديدة أو محاكاة للتغيرات التي طرأت على المشهد الموسيقي ، وربما كان هذا سبب تميزها واختلافها .

الآن اسمح لي أن أقدم لك اختياراتي الخاصة بين كل ماسمعته وتابعته في عام 2021 ، مع الاحتفاظ بقحك الكامل في الاختلاف مع هذه الاختيارات .

مطرب العام :

يستحق عمرو دياب أن يكون مطرب العام لأسباب عديدة ، لا أتحدث هنا عن قيمة وتاريخ وشعبية عمرو دياب التي جعلته متربعا على القمة لعدة عقود ، ولكن المدهش في عمرو هي تلك القدرة على التجديد والتطور وتطويع مشروعه الموسيقي لمواكبة أي موجات موسيقية جديدة .

على سبيل المثال كان عمرو دياب الأجرأ بين زملائه في التعامل مع ظاهرة "المهرجانات" ، نجح في فهم التغيرات التي طرأت على الذوق العام ، واكبها بطريقته والنتيجة أنه قدم أغنيات تعد تطويرًا حقيقيًا لهذا اللون، تخلص من عيوب صناعة المهرجان التقنية والفنية ، والتقط وقدم شكلًا أكثر احترافية وشمولًا لأذواق أكثر.

لهذا لو قيمنا تلك الخطوة بشكل "نقدي" و"علمي" يمكننا القول أن عمرو دياب أول من طور الشكل الموسيقي واللغوي لـ "المهرجانات" وصنع منه حالته الخاصة التي بالمناسبة قلدها كثير من مطربي "البوب" في مصر .

يستحق عمرو دياب أن يكون مطرب عام 2021 بقدرته على الاستمرار والتطوير والتواجد ومواكبة كل الأمواج العنيفة التي تضرب ساحة الموسيقى المصرية .

نرشح لك : عمرو دياب .. عن معنى "المشروع الفني" والزمن الذي أنصفه

مطربة العام :

وسط كل الأسماء النسائية التي قدمت أعمالا فنية هذا العام ، تستحق أنغام أن تكون مطربة العام لقدرتها على الاستمرار والتميز والحفاظ على مكانتها الفنية وهويتها الخاصة وسط حالة التخبط الواضحة التي تعيشها أغلب المطربات الآن .

شخصيًا أرى أن أغنية "أنا بعته كتير" التي طرحتها أنغام هذا العام ضمن مجموعة أغنياتها المنفردة هي واحدة من أجمل أغنيات العام ، وتمثل حالة اعتراف نسائية نادرة الطرح في الحقيقة .

أفضل ألبوم :

رغم طرحه مع بداية العام إلا أن هذا الألبوم ظل حالة خاصة أقرب إلى مشروع موسيقى مستقل له هوية متماسكة ومتفردة ومتكاملة من حيث التوجه الموسيقى والموضوعات وحتى الهوية البصرية لأغنياته عبر يوتيوب والمنصات المختلفة .

ألبوم حمزة نمرة "مولود سنة 80" هو أفضل ألبومات عام 2021 ، صحيح أن بداية طرح أغنياته جاءت مع نهاية عام 2020 وتحديدًا في منتصف ديسمبر الماضي ولكن استمر طرح الأغنيات مع شهر يناير من العام الجاري .

عمل فني خارج السياق المعتاد الآن ، قدم من خلاله نمرة أغنيات تعبر عن جيلي شخصيا ، أبناء الثمانينات اللذين مروا بتقلبات اجتماعية عنيفة تتسع لعشرات الأعمال الفنية لتناولها .

قدم حمزة نمرة داخل الألبوم أيضًا عدة أغاني تعبر عن مشروع مصغر عنونه بعبارة "المشروع شعبي" وهي المرة الأولى التي يمزج فيها بين الأغنية الشعبية والموسيقى الإليكترونية وموسيقى المهرجانات وذلك في أغاني "معلش يامعلش" و " مش مهم " و " استعيذوا" .

وضم الألبوم أيضًأ واحدة من أنجح أغنيات العام وهي "فاضي شوية" والتي حققت 192 مليون مشاهدة على موقع يوتيوب ، كما تعاون مع عدد من الشعراء المتميزين في مقدمتهم الكاتب عمر طاهر الذي كتب أغنيتي "أحكيلك خوفي" و "الساعة 6" ، كما مزج الألبوم بين ألوان موسيقية عدة منها الريجي و الديسكو سترينج والفانك واللاتين بوب ولكن كل هذه الألوان تم صياغتها في قوالب مناسبة لمشروع حمزة نمرة الفني.

نرشح لك : عندما اختار المستمع أن يشرب قهوة "في حتة بعيدة" مع حمزة نمرة

أفضل ألبوم نسائي :

رغم ضعف الألبومات النسائية العربية والمصرية بشكل عام ، إلا أن ألبوم "نانسي عجرم 10" هو الأبرز بينها جميعا ، وهذا لسببين ، أولهما الهوية البصرية المميزة التي قٌدم بها الألبوم على موقع يوتيوب حيث تم انتاج 15 كليب لكل الأغنيات في إطار متناسق وموحد وفي ذات الوقت معبر عن كل أغنية ، وهذا تميز انتاجي يجب أن يوضع في الحسبان .

السبب الثاني هو تميز الألبوم بهوية موسيقية تشبه نانسي عجرم في سنواتها الأولى ، بخلطة تجمع بين الأغنية المصرية واللبنانية والخليجية وإن كانت الأغنية المصرية المنتمية لإيقاع المقسوم طاغية ومتميزة وهو ما ظهر في أغنية "سلامات" التي اعتبرها واحدة من أفضل الاغنيات التي صدرت في 2021 .

نرشح لك : ألبوم "نانسي 10" .. محاولة ناضجة لإعادة إكتشاف "المغنية" نانسي عجرم

أفضل سينجل "رجالي" :

تتربع أغنية "انت الحظ" لعمرو دياب على قمة الأغنيات "السينجل" الأفضل هذا العام ، وهي من كلمات تامر حسين وألحان عزيز الشافعي الثنائي الأبرز هذا العام على صعيد الكتابة والتلحين ، ومن توزيع وسام عبد المنعم الذي منع لأغاني الهضبة صبغة جديدة تتناسب مع تطور مشروعه الموسيقى .

سر نجاح "إنت الحظ" على ما أظن يكمن في جرأة الكلمات وأيضًا تكرار جملة لحنية ثابتة سهلة على أذن المستمع بمصاحبة إيقاع مقسوم راقص مطعم بالحليات الشعبية .

أفضل سينجل "نسائي" :

أغنية روبي "حتة تانية" هي الأبرز بين جميع الأغنيات النسائية المنفردة التي طرحت هذا العام ، وربما كان هذا التميز يرجع إلى عودة روبي للغناء بعد سنوات طويلة من الابتعاد ، شخصيا لا أرى أن روبي تملك مشروعا موسيقيًا بالأساس ، ولدي ملاحظات عديدة على صوتها وأدائها المسرحي ، ولكن الأغنية نجحت وقدمت المطلوب وتفاعل معها الجمهور وحققت 144 مليون مشاهدة على يوتيوب .

أفضل مطرب شعبي :

اعترف أنني استحدثت هذا التصنيف لسبب واحد وهو اعجابي الشديد بتجربة المطرب مصطفى حجاج الذي يعد الصوت الوحيد المحافظ على هوية الأغنية الشعبية المصرية الآن بعيدًا عن تأثير المهرجانات.

ومع قرب نهاية العام طرح مصطفى حجاج أغنيتين جديدتين هما " ياباي" و "شكشكة" ، ولكنني أرى أغنية "ياباي" تحديدًا هي أفضل أغنية شعبية طرحت هذا العام ، على مستوى الكلمات واللحن وأيضًا التوزيع المختلف للموزع المغربي جلال حمداوي الذي منع الإيقاع المصري صبغة جديدة بثقافته الشمال إفريقية .

أفضل شاعر :

يستحق تامر حسين أن يكون أفضل شاعر هذا العام بانتاجاته المتنوعة والمتميزة مع أغلب الفنانين ، بداية من عمرو دياب وصولا إلى تصدر اسمه لأغلب الأغنيات التي حققت نجاحا جماهيريا هذا العام ، والأهم من ذلك أن تامر قدم حالات متنوعة ومختلفة على مستوى اللغة والكلمة وهذا يعبر عن تطور كبير جدًا في مفرداته وأفكاره كشاعر غنائي لم يتوقف عند حدود النجاحات السابقة له .

أفضل ملحن :

بلا منافس يتربع عزيز الشافعي على القمة كأفضل ملحن في عام 2021 ومن قبله عام 2020 ، عزيز كلمة السر في أغالب "الهيتس" التي نجحت على مدار العام ، هو فعلا النغمة التي كانت مفقودة في الأغنية المصرية لسنوات طويلة ، جمل لحنية ضاربة في جذور المزاج المصري، ورغم ذلك بسيطة وسهلة وسلسة تخطف أذن المستمع ، ولن أكون مبالغًا لو قلت أن عزيز أعاد لموسيقى "البوب" المصرية هويتها الشرقية وغير مفهوم "الهيت" بعيدًا عن القوالب الغربية المستنسخة من الفلامنكو واللاتين بوب التي سيطرت على المستمع لسنوات طويلة .

أفضل موزع :

يستحق الموزع علي فتح الله أن يكون الأفضل بين الموزعين الموسيقيين هذا العام ، والسبب في ذلك مشروعه الموسيقي المتميز مع محمود العسيلي ، خاصة وأن المحرك الرئيسي لهذا المشروع هو الشكل الموسيقي الذي يصيغه فتح الله في أغلب أغاني العسيلي ، الذي يستحق هو الآخر أن يكون على رأس قائمة أصحاب المشاريع الموسيقية المتفردة والمختلفة عن السائد .
أغنية "قلقان" بين كل تعاونات العسيلي وفتح الله تعتبر معبرًا هامًا عن هذا المشروع وواحدة من أهم الأغاني التي صدرت هذا العام .

أفضل دويتو :

لا أجد أمامي أبرز من أغنية "ممكن" التي جمعت بين بلقيس وسيف نبيل ، وحققت نجاحا جماهيريا كبيرا جدا منذ طرحها وأصبحت تريند على مختلف مواقع التواصل وتحديدا موقع "تيك توك" الذي ساهم في انتشارها ، ولكن الأغنية في المجمل قدمت شكلا موسيقيا جديدًا ، كما أن أداء بلقيس وسيف نبيل جاء متماشيا ومتناسقا مع إمكانياتهما الصوتية .